السلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته
كان جسداً صغيراً مفعما ً بالحياة ، قبل أيام ٍ فقط كنت احمله بين ذراعاي هاتين ، كان ذلك جسد تلك الفتاة الصغيرة التي لم تتجاوز من العمر الثمانية شهورٍ بعد ، كنت اداعبها والاعبها ، وكنت اخفي وجهي بيديّ واظهره فجأة لترتسم اجمل ابتسامة يمكن ان ترتسم على وجه بشر ، وكيف لا ، وهل هنالك اجمل من ابتسامة يمكن ان ترتسم على وجه ملاك \ طفل !؟؟!
أحياناً كنت انظر بتمعن الى تلك الصغيرة ، وارسم لها رسومات في خيالي ، فهاهي الان بدأت بالمشي على اقدامها ، وهاهو ذا اول يوم لها في المدرسة وهي تبكي رهبة او تقفز فرحة ً ، وهاهي ذي تتخرج من المدرسة لتلتحق باحدى الجامعات ، والان اراها تتزوج شابا ً قلما وجد نظير له بين بقية الشباب ، وها هي ذي تحمل طفلها الاول بين ذراعيها ، فالاعبه كما كنت في صغرها الاعبها كذلك ، العديد من اشرطة الحياة لهذه الفتاة كانت تعرض في مخيلتي كثيراً حين ارى كل هذه الروح تسري في عروقها وأوصالها ...
ولــــــــكــــــــــن
كانت أمس مفعمة بالحركة وتملىء البيت صخباً وضحكاً وبكاءاً، وحين استيقظ والداها صباحاً نظر كل ٌ منهما نظرة امل الى رضيعتهما ، لكن تلك النظرة تحولت الى قلق ، ثم الى خوف ، ثم تـٌرجمت تلك النظرة الى صراخ وعويل ، فلا حركة ولا صوت ولا نفس في ذلك الجسد ، قد اضحى مجرد جثة هامدة لا اكثر ، وفي لحظة فقط ، أضحى ذلك المستقبل المنتظر ضرباً من ضروب المستحيلات ..
كان لذلك الخبر وقع الصاعقة علي ، وكأنني لأول مرة أكتشف انه من الممكن ان يموت احدهم في هذا العمر الذي بالكاد بدأ للتو ، وبالكاد استهلت هذه الصغيرة مشوار حياتها في هذه الدنيا ، ثم تردد في ذهني ذلك التساؤل القاتل الذي يقول
ماذا لو كان دوري ؟!!؟
ماذا لو أنني انا من اصبحت جثة هامده ، أم ماذا لو أنني ما استيقظت من نومي صباحاً ، ماذا لو ان هذه اخر ساعة لدي لأحياها ، و ماذا لو كانت الليلة هي اخر مرة آوي فيها الى فراشي ، الف ماذا بدأت نصول وتجول في ذهني
ماذا لو كان دوري ؟!!؟
ماذا لو ان روحي هي من صعدت الى بارئها ، و ماذا لو ان نفسي الان تنتظر حساب خالقها ، ماذا لو ان جسدي الان هو ما ستستضيفه الأرض في باطنها ، و ماذا لو ان أمي الان تذرف علي أدمعها ...
ماذا لو كان دوري ؟!!؟
ماذا لو أنني انتظر الان من يغسلني ، و ماذا لو ان هنالك من يتجهز الان ليكفنني ، ماذا لو ان الناس غداً ستصليني ، و ماذا لو ان مسير الغد لن يشيعها هي بل سيشيعني ، والى مآواي الأخير سيرافقني ، و ماذا لو كنت انا من سيحمله بعضهم والى القبر سينزلني ، ماذا لو كنت انا من سأبقى وحيداً أسفلها وسيغادر من فوقها ووحدي سيتركني ؟!؟
ماذا لو كان دوري ؟!!؟
أمستعد انا لأحتضان قبري ، وهل سأرى فيه من الجنة أو من النار مقعدي ؟!؟
أمستعد أنا للقاء ربي ، أمستعد انا لحساب ربي ، أمستعد أنا لسؤال ربي ، أراض ٍ عني هو أم ساخط ربي ، وهل سأحظى بجنته أم أن جزاءي هو نار ربي ؟!؟
إسألها نفسك ذات السؤال الذي سائلته لخاصتي
ماذا لو كان دوري ؟!!؟
وحينها ستدرك جيدا ً ما أنا الان فيه !!!
همسه
تعامل مع كل يوم كأنه الأخير ، فيوماً ما سيكون حقاً هو الأخير
تحياتي :_ أحلام**السنين
الأربعاء يونيو 18, 2008 1:25 am